الدروس الرمضانية ، الدرس 18 : أوصاف وأنواع النفس في القرآن ، للدكتور خالد بدير
الدروس الرمضانية ، الدرس الثامن عشر : أوصاف وأنواع النفس في القرآن الكريم ، للدكتور خالد بدير.
لتحميل الدروس الرمضانية الدرس 18 بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الدروس الرمضانية الدرس 18 بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة الدروس الرمضانية الدرس 18 كما يلي:
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
سلسلة الدروس الرمضانية
الدروس الرمضانية الدرس الثامن عشر: أوصاف وأنواع النفس في القرآن
لقد تكرر ذكر النفس في القرآن الكريم مراراً وتكراراً ؛ ومعلوم أن لكل عبد نفساً واحدة ؛ وهذه النفس توصف بحال العبد مع الله – عز وجل – وفي هذا اللقاء نذكر أوصاف النفس وأنواعها من خلال القرآن الكريم ؛ على حسب ترقيها من السلبية إلى الإيجابية كالتالي:
أولا: النفس الأمارة بالسوء:
وهي نفس مذمومة، تأمر بكل سوء، لا يتخلص صاحبها من شرها، إلا بتوفيق الله، وإن هذا الجنس من الأنفس البشرية شأنه الأمر بالسوء لميله إلى الشهوات، وتأثيرها بالطبع، وصعوبة قهرها، وكفها عن ذلك، كما في قوله تعالى: { وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ } (يوسف: 53).
في ظل هذه الآية الكريمة تبين لنا حال امرأة العزيز ؛ فتبدو امرأة العزيز مؤمنة، متحرجة، تبرئ نفسها، ولكنها تتحفظ، ولا تدعي البراءة المطلقة؛ لأن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي فهي هنا لا تدعي براءة النفس من ارتكاب الذنب لأن النفوس كثيرة الأمر بالسوء.
فالنفس الأمارة يغلب عليها اتباع هواها بفعل الذنب والمعاصي، ويكون الشيطان قرينها، يأمرها بالسوء ويزينه لها، ويريد لها الباطل في صورة تقبلها وتستحسنها.
ويعد هذا النوع من النفوس البشرية نفوس مهلكة ؛ لأنها لا تأمر بخير، فمن عرف نفسه وما طبعت عليه، عرف أنها منبع كل شر، ومأوى كل سوء، وأن كل خير فيها؛ فضل من الله منَّ به علينا، ومن ثم تحيل هذه النفس صاحبها إلى الإقرار بأن نفسه الأمارة بالسوء، هي مصدر الذنب والإساءة.
وهذه النفس هي التي ارتكبت أول جريمة قتل على وجه الأرض ؛ وهي قتل قابيل لأخيه هابيل؛ قال تعالى: { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (المائدة: 30) .
ثانيا: النفس اللوامة:
والنفس اللوامة، هي التي أقسم بها سبحانه في قوله: { وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } (القيامة: 2) .
واختلف في هذه النفس على أقوال:
فقالت طائفة: اللفظة مأخوذة من اللوم ؛ أي تلوم صاحبها على كل فعل تفعله خيراً كان أو شراً .
قال الحسن البصري: إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائمًا، يقول: ما أردت بهذا؟ لم فعلت هذا؟ كان غير هذا أولى، أو نحو هذا من الكلام.
وقال غيره: هي نفس المؤمن توقعه في الذنب، ثم تلومه عليه، فهذا اللوم من الإيمان، بخلاف الشقي، فإنه لا يلوم نفسه على ذنب، بل يلومها وتلومه على فواته.
وقالت طائفة: بل هذا اللوم للنوعين، فإن كل واحد يلوم نفسه، بَراً كان أو فاجراً، فالسعيد يلومها على ارتكاب معصية الله وترك طاعته، والشقي لا يلومها إلا على فوات حظها وهواها.
وقالت فرقة أخرى: هذا اللوم يوم القيامة، فإن كل واحد يلوم نفسه، إن كان مسيئًا على إساءته، وإن كان محسنًا على تقصيره . فَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ إِلَّا نَدِمَ. قَالُوا: وَمَا نَدَامَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ ازْدَادَ ؛ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا نَدِمَ أَنْ لَا يَكُونَ نَزَعَ .” ( الترمذي). وهذه الأقوال كلها حق ولا تنافي بينها، فإن النفس موصوفة بهذا كله، وباعتباره سميت لوامة.
ثالثا :النفس الملهمة:
قال الله تعالى فيها: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } (الشمس: 7 ـــ 10) .
والإلهام يكون بالخير والشر ؛ فالنفس التقية المؤمنة تكون ملهمة بالخير من الله ؛ والنفس الشريرة تكون ملهمة بالفجور والعصيان من الجن والشياطين . لذلك قال: { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }.
قال مجاهد: عرفها الشقاء والسعادة .
وقال الطبري: بين لها ما ينبغي لها أن تأتي أو تذر من خير، أو شرّ أو طاعة، أو معصية .
ومثال النفس الملهمة بالخير ؛ نفس عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – فقد كان ملهماً ومحدثاً من الله ونحن جميعاً نعلم موافقات عمر للقرآن ؛ وروى أن عمر رضي الله عنه، بعث سرية فاستعمل عليهم رجلاً يدعى سارية، قال: فبينا عمر يخطب الناس يوماً قال: فجعل يصيح وهو على المنبر: يا سارية الجبل، يا سارية الجبل، قال فقدم رسول الجيش، فسأله فقال: يا أمير المؤمنين لقينا عدونا فهزمنا، فإذا بصائح يصيح: يا سارية الجبل، فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله. ( أحمد والبيهقي بسند حسن) .
وهذا إلهام من الله سبحانه، وكرامة لعمر رضي الله عنه، وهو المحدث الملهم، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أما الملهمة بالشر ؛ فيكون ذلك عن طريق الجن والشياطين والسحر والدجل والشعوذة ؛ وما يخرج علينا من هؤلاء بين الفينة والأخرى؛ أنه نبي ؛ أو أنه المهدي المنتظر ؛ أو أنه ملهم بكذا ؛ وما أكثر هذه الخرافات !!
رابعا: النفس المطمـئنة:
أما هذا النوع من النفوس فهي نفس عرفت ربها حق معرفة، واستقر بها الحال إلى اليقين، وحررت نفسها وتخلصت من كل شهوات الدنيا وعاشت مرتبطة ببارئها فاطمأنت ، وهي نفس الشخص المؤمن، ويقال لهذه النفس عند الموت: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ }. (الفجر: 27).
يقول الإمام القرطبي في تفسيره : لما ذكر حال من كانت همته الدنيا فاتهم الله في إغنائه، وإفقاره، ذكر حال من اطمأنت نفسه إلى الله تعالى فسلم لأمره، واتكل عليه. وقيل: هو من قول الملائكة لأولياء الله عز وجل.
والنفس المطمئنة: الساكنة الموقنة، أيقنت أن الله ربها، فأخبتت لذلك، قال مجاهد وابن عباس وغيرهما: أي المؤمنة المطمئنة بثواب الله. وقال الحسن: المؤمنة الموقنة. وعن مجاهد أيضا: الراضية بقضاء الله، التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها. وقال مقاتل: الآمنة من عذاب الله. وفي حرف أبي بن كعب: يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة. وقيل: التي عملت على يقين بما وعد الله في كتابه. وقال ابن كيسان: المطمئنة هنا: المخلصة.
وقال ابن عطاء:
العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين. وقيل: المطمئنة بذكر الله تعالى وقيل: المطمئنة بالإيمان، المصدقة بالبعث والثواب. وقال ابن زيد: المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت، وعند البعث، ويوم الجمع. وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: يعني نفس حمزة. والصحيح أنها عامة في كل نفس مؤمن مخلص طائع. قال الحسن البصري: إن الله تعالى إذا أراد أن يقبض روح عبده المؤمن، اطمأنت النفس إلى الله تعالى، واطمأن الله إليها.
وقال عمرو بن العاص: إذا توفي المؤمن أرسل الله إليه ملكين، وأرسل معهما تحفة من الجنة، فيقولان لها: اخرجي أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية، ومرضيا عنك، اخرجي إلى روح وريحان، ورب راض غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك وجد أحد من أنفه على ظهر الأرض. وذكر الحديث.
وقال سعيد بن زائد: قرأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم يا أيتها النفس المطمئنة، فقال أبو بكر: ما أحسن هذا يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الملك سيقولها لك يا أبا بكر ). ( انظر تفسير القرطبي).
وبهذا نصل إلى أن الله سبحانه وتعالى امتحن الشخص المسلم بهاتين النفسين: ( الأمارة واللوامة )، كما أكرمه بالمطمئنة، فهي نفس واحدة تكون أمارة، ثم لوامة، ثم مطمئنة، وهي غاية كمالها وصلاحها.
فالله U، خلق الإنسان، ويعلم ما توسوس به نفسه، وبالتالي يجب وضع دليل لكل شخص مسلم، به ينظم نفسه، ويجعل منها نفساً سعيدة؛ مطمئنة في الدنيا، وراضية مرضية في الآخرة، وذلك بالتزامه بالعقيدة السليمة، والعبادة الصحيحة، والخلق القويم، وتطلع النفس إلى الكمالات، ولإقبالها على الأعمال الصالحة، ليصل بها الشخص المسلم الى درجة العبد الراضي من ربه؛ والمرضي لربه .
خامسا وسادسا: النفس الراضية والنفس المرضية:
قال الله تعالى فيهما:{ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً } (الفجر: 28) .
فالنفس الراضية هي التي رضيت بكل ما أعطاها الله – عز وجل – ؛ فرضي الله عنها .
وفي الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : ” عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. ” ( ابن ماجة والترمذي وحسنه ).
فارض أنت عن الله أولاً يرضى الله عنك؛ فقد روى أن الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه كان ماشيًا فإذا برجل يسبقه يناجي ربه، ويقول: يا رب هل أنت راض عني؟، فقال الإمام الشافعي: يا رجل وهل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك؟ قال الرجل: كيف أرضى عن ربي وأنا أتمنى رضاه؟ قال: إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة، فقد رضيت عن الله !!
” وفي أخبار موسى عليه السلام: إن بني إسرائيل قالوا له سل لنا ربك أمراً إذا نحن فعلناه يرضى به عنا؟! فقال موسى عليه السلام: إلهي قد سمعت ما قالوا ؛ فقال: يا موسى قل لهم يرضون عنى حتى أرضى عنهم!!” (الإحياءللغزالي).
فهي النفس المتكاملة الراضية من ربّها رضى الرب منها، واطمئنانها إلى ربّها يستلزم رضاها بما قدّر وقضى تكوينًا أو حكم به تشريعًا، فلا تسخطها سانحة ولا تزيغها معصية، وإذا رضى العبد من ربّه، رضى الرب منه، إذ لا يسخطه تعالى إلاّ خروج العبد من زي العبودية، فإذا لزم طريق العبودية استوجب ذلك رضى ربّه ولذا عقب قوله: “راضية” بقوله: “مرضية”.
وقوله تعالى: { فَادْخُلِي فِي عِبَادِي }. فيه دلالة على أنّ صاحب النفس المطمئنّة في زمرة عباد اللّه حائز مقام العبودية، وذلك أنّه لما اطمأنّ إلى ربّه انقطع عن دعوى الاستقلال؛ ورضي بما هو الحقّ من ربّه فرأى ذاته وصفاته وأفعاله ملكًا مطلقًا لربّه فلم يرد فيما قدر وقضى، ولا فيما أمر ونهى، إلاّ ما أراده ربّه، وهذا ظهور العبودية التامة ، ففي قوله: { فَادْخُلِي فِي عِبَادِي }. تقرير لمقام عبوديتها.
وفي قوله: { وَادْخُلِي جَنَّتِي }. تعيين لمستقرها، وفي إضافة الجنة إلى ضمير المتكلم تشريف خاص، ولا يوجد في كلامه تعالى إضافة الجنة إلى نفسه تعالى وتقدس إلاّ في هذه الآية . يقول الحافظ بن كثير:
ومقام رضاه عنهم أعلى درجات مما أوتوه من النعيم المقيم . ( انظر تفسير ابن كثير ).
سابعاً: النفس الكاملة:
وهي النفس المعصومة عن المعاصي ؛ لأنها كملت بمعرفة الله تعالى؛ وعصمت عن جميع المعاصي ؛ وفطرت على الطاعة والعبادة ؛ وهي نفوس الملائكة والأنبياء ؛ وهذه النفس لم ترد بلفظتها في القرآن الكريم ؛ وذكرها العلماء لإتمام الفائدة .
وبعد:
فهذه أنفس سبعة ؛ تبدأ مع العبد بالنفس الأمارة بالسوء ؛ فإذا فعلت السوء لامها فتصير لوامة؛ ثم يعتريها طريق الخير والشر فتلهم بأحدهما فتصير ملهمة؛ ثم إذا ألزمها الطاعة فتطمئن بها فتصير مطمئنة ؛ فترضى عن الله فيرضى الله عنها فتصير راضية مرضية .
فينبغي على العبد أن يحاسب نفسه على جميع أقواله وأفعاله أولا بأول ؛ فإن وجد خيرا حمد الله ؛ وإن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه؛ وعليه أن يستدرك هذا التقصير قبل فوات الأمان؛ وفي ذلك يقول عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا. فإنّه أهون عليكم في الحساب غدا، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزيّنوا للعرض الأكبر؛ {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ} (الحاقة/ 18). وقال أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- سمعت عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- يوما وقد خرجت معه، حتّى دخل حائطا فسمعته يقول، وبيني وبينه جدار، وهو في جوف الحائط:
عمر بن الخطّاب أمير المؤمنين بخ، واللّه لتتّقينّ اللّه يا ابن الخطّاب، أو ليعذّبنّك. وقال إبراهيم التّيميّ: مثّلت نفسي في الجنّة آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها، ثمّ مثّلت نفسي في النّار آكل من زقّومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي نفسي، أيّ شيء تريدين؟ قالت: أريد أن أردّ إلى الدّنيا، فأعمل صالحا، قال: قلت: فأنت في الأمنيّة، فاعملي. وقال الحسن- رحمه اللّه-: إنّ العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همّته. وعنه قال: { وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} (القيامة/ 2) قال:
لا تلقى المؤمن إلّا يعاتب نفسه، ماذا أردت بكلمتي، ماذا أردت بأكلتي؟! .وقال مالك بن دينار- رحمه اللّه-: رحم اللّه عبدا قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثمّ زمّها، ثمّ خطمها، ثمّ ألزمها كتاب اللّه- عزّ وجلّ- فكان لها قائدا. « محاسبة النفس لابن أبي الدنيا».
فيجب على العاقل أن يكون له في كل يوم ساعة يحاسب فيها نفسه كما يحاسب الشريك شريكه في شئون الدنيا والمال!! فكيف لا يحاسب الإنسان نفسه في سعادة الأبد وشقاوة الأبد؟!! قال ميمون بن مهران: لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه. لذلك كان توبة بن الصمة محاسباً لنفسه، فحسب فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها، فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ وقال: “يا ويلتي! ألقى الملك بأحدٍ وعشرين ألف ذنب كيف؟! وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب ثم خرَّ مغشيًّا عليه فإذا هو ميت!!”
فعلينا أن نحاسب أنفسنا كل يوم وكل ساعة؛ هل قصَّرنا في عملنا؟! هل قصَّرنا في وظيفتنا؟! هل قصَّرنا في أرحامنا؟! هل قصَّرنا في حقوق أهلينا ومجتمعنا وجيراننا؟!! هل قصَّرنا في عباداتنا وحقوق الله علينا؟!! هل قصَّرنا في … هل قصَّرنا في … هل قصَّرنا في …..؟!! إننا إن فعلنا ذلك وحاسبنا أنفسنا؛ فلا شك أن هذه الضمائر الحية المشرقة تكون في أعلى درجات الإيمان والتوكل والاجتهاد في أمور الدين والدنيا معا؛ وبذلك نفوز بسعادة العاجل والآجل!!!
أسأل الله أن يطهر قلوبنا من النفاق؛ وأعمالنا من الرياء؛ وألسنتنا من الكذب ؛ وأنفسنا من الخديعة ؛؛؛
كتب الدروس الرمضانية الدرس 18 : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع